مع انتشار فيروس الكورونا التاجي، لم يعد العالم كسابق عهده ولن يعود كسابق عهده. حيث أن هُناك العديد من الأمور التي تغيرت بالفعل والتي لاحظنا تغيير فيه في الوقت الراهن. ستجد أن الكثير من المجالات والفئات قد طرأ عليها تغيير بالفعل. على سبيل المثال، على مستوى الصحة، ستجد أن هُناك الكثير من العادات الصحية التي قد تغيرت بالفعل في المجتمع العربي. لن تجد الآن هُناك شخص بدون كمامة أو غير مُهتم بالنظافة الشخصية أو غير مُحافظ على التباعد الاجتماعي، وعلى الأرجح سيستمر العالم على هذا النحو لمدد طويلة. على مستوى الاقتصاد، توجد الكثير من التغيرات التي طرأت عليها مثل إغلاق المصانع والمنشآت والمصالح الخاصة والحكومية وأيضاً الشركات الاستثمارية. ليس هذا فقط، بل تغيرت النظرة العامة حول الوظائف في الوطن العربي. أصبحت الوظائف في الوطن العربي وفي العالم الآن غير مُجدية على الإطلاق ولهذا تم استبدال الوظائف بالأعمال الحُرة، وهو ما سنقوم بتسليط الضوء عليه الآن.
العمل قبل الكورونا
كانت النظرة إلى العمل قبل ظهور فيروس الكورونا على الساحة نظرة مُختلفة تماماً عن النظرة التي ينظر إليها العالم إلى الوظائف بعد الكورونا. حيث أولى الجميع على مستوى العالم الاهتمام الأكبر بتولي الوظائف في كُبرى الشركات بغض النظر عن عدد ساعات العمل والمرتبات والمكانات الوظيفية. كان السعي الأول والأهم نحو الحصول على فرصة للعمل في الشركات الاستثمارية والتُجارية.
كان الموظفين آنذاك يقومون بالتخلي عن غالباً أي شيء في مُقابل الحصول على فرصة العمل في وظيفة غالباً ما تتطلب منه 12 ساعة يومياً بمرتب غالباً ما يكفي مصروفاته الشخصية. على الرغم من انتشار الكثير من الخطابات والنصائح التي تدور حول عدم ترك الأعمال والأشغال تستحوذ على حياتك، إلا أننا نجد أن الكثير من الشباب والموظفين يسعون إلى احتلال الوظائف في الشركات لاسيما الاستثمارية.
لم تكن فكرة العمل الحُر فكرة مقبولة على جميع المستويات. حيث كانت هذه الفكرة توحي بعدم القدرة على إما الحصول على وظيفة في الشركة الاستثمارية أو بالالتزام لقوانين وعدد ساعات العم في الشركات الاستثمارية. لذلك، كان رفض فكرة العمل الحُر أو على الأقل فكرة العمل عبر الإنترنت، رفض جازم وكبير على شرائح كبيرة في المُجتمع.
العمل بعد الكورونا
بمُجرد ظهور فيروس الكورونا على الساحة، بدأت النظرة للعمل الحُر تتغير تماماً مثلما تغير كُل شيء آخر. أصبح العمل الحُر بمثابة أمر واقع وأساسي في العالم في الوقت الراهن. في البداية، قامت الشركات بإغلاق أبوابها ومنع الموظفين من التجمع سوياً في مكان العمل وذلك للحفاظ على التباعد الاجتماعي لمنع انتشار فيروس الكورونا. لهذا السبب، كان أمام الشركات أن تقوم بالخطوات التالية في مُحاولة منها لتحسين الاقتصاد، لاسيما مع توقف عمليات الاستيراد والتصدير، كما هو موضح أدناه:
- قامت الشركات بتسريح الكثير من العاملين التي وجدت إدارات الشركات بأن أدوارهم ليست بالأدوار الهامة في الوقت الراهن.
- قامت الشركات بمُحاولة بناء بنية تحتية مُناسبة نوعاً ما للوضع الحالي وذلك بهدف تحويل جميع الأعمال إلى تنفيذها عبر الإنترنت.
- قامت الشركات بإغلاق المصانع وأماكن العمل والتخلص من تكاليف الإيجار وفواتير المرافق، إلخ.
بناء على الخطوات السابق ذكرها، عانى الكثير من الأفراد والموظفين من الآتي:
- عانى الأفراد من انخفاض في الدخل وذلك لأن الشركات لا تقوم بإدخال الإيرادات المتوقعة وبالتالي قامت بتخفيض الرواتب الشهرية للموظفين.
- عانى الكثير من الموظفين بفقدانهم للعمل وخاصةً هؤلاء الذين في أشد الحاجة إلى العمل والحصول على الرواتب.
- عانى الأفراد والموظفين من عدم القدرة على مواكبة تكنولوجيا تحويل الأعمال إلى الرقمية بهذه السرعة بدون تدريب أو ترتيب. لذلك، لم تكن جودة الأعمال المُقدمة كالجودة المطلوبة أو حتى كالجودة المُعتادة.
لازال الوضع في العمل على ما هو عليه، خاصةً مع عدم وجود لقاح يقي الجميع من فيروس الكورونا وينهي هذه الحقبة تماماً. صرحت منظمة الصحة العالمية بأننا في انتظار الموجة الثانية والأشد لفيروس الكورونا خلال الأشهر المُقبلة. لذلك، يتوقع أن يُعاني الاقتصاد في الفترة القادمة بالكثير من المتغيرات التي تميل نوعاً ما إلى السلبية وعدم الاستقرار.
العمل الحُر
أصبح العمل الحُر الآن ضرورة أساسية من أساسيات الحياة بعد الكورونا. حيث أصبح العمل الحُر يتلاءم على نحو كبير مع مُجريات الحياة الحالية. لا شك في أن الشركات الاستثمارية والتُجارية ستقوم بتحويل جميع أعمالها عبر الإنترنت للأبد، وذلك لأنها ستتخلص من الكثير من التكاليف وعلى الناحية الأخرى ستحصل على نفس جودة الأعمال والأشغال.
أصبح الآن العمل الحُر هو العمل الأكثر منطقية بالنسبة للوضع الحالي. حيث يُحافظ العمل الحُر على صحة الأفراد حيث أنه لا يتطلب أي تواصل مُباشر مع أشخاص آخرين كما أنه غالباً ما يُخفض تكاليفه. على الصعيد الآخر، يُعتبر العمل الحُر هو العمل الذي يُمكنك من خلاله أن تتعامل مع الكثير من الشركات التي طالما حلمت بالتعامل معها. توجد الآن الكثير من الشركات التي تسعى إلى توظيف موظفين عمل حُر أو موظفين للعمل بدوام جزئي عبر الإنترنت حيث أن هذه الخيارات تُخفض كثيراً من تكاليف العمل والمرافق بالنسبة للشركات. لذلك، هي الفرصة الذهبية الآن للتواجد مع أكثر من شركة عالمية عبر الإنترنت.
في حال كُنت تمتلك موهبة ما مثل الكتابة أو الترجمة أو تسجيل الصوت أو الجرافيك أو كتابة القصص والروايات والمقالات والرسائل العلمية والأكاديمية، أصبح الآن من السهل للغاية الدخول إلى منصات العمل الحُر والاستمتاع بدخل شهري مُقابل الخدمات التي ستقوم بتقديمها بدون أي تكاليف تُذكر.